الدولار الأميركي على شفير انعكاس وبحاجة ماسّة الى محفّز

لا يسعنا إلا القول أن الدولار الأميركي يتّبع اتجاهًا هبوطيًّا حادًا. وخلال الأسبوع المنصرم، هوت العملة وصولا الى أدنى مستوى لها هذا العام رازحة تحت وطأة الضغوطات الناجمة عن بروز قناة انخفاضيّة متينة. قد يبدو أن هذا الأمر هو مجرّد مسألة شائعة نظرًا الى الاستقرار الذي يشهده الذهب، سندات الخزانة ناهيك عن مؤشر S&P 500. مع ذلك، يتمّ تسعير هذه الأصول عامّة بالدولار الأميركي. يعدّ ضعف أداء العملة بمثابة مرساة لمستويات الارتباط المرتفعة غير الاعتياديّة (والتي ينحرف بعضها عن المستويات التاريخيّة) السائدة في الأسواق الماليّة. ومع ذلك، يشكّل الأخضر هو مجرّد انعكاس للتحيّز الأساسي والمبني على التخمينات الذي سيبلغ في نهاية المطاف نقطة تكتّل حرجة. ونظرًا الى اختبار الدولار الأميركي مؤخرًا خط الترند الصعودي الذي نشأ اعتبارًا من قاع الأزمة الماليّة واستعداده لانعكاس لاحق؛ من المرجّح أن يكون ما نشهده هو الخطوة الأولى لتحوّل رئيسي. جلّ ما نحتاجه الآن هو إعادة موازنة جدّيّة للاعتبارات الأساسيّة.
كان المحفّز الرئيسي الكامن وراء أداء الدولار خلال الشهر المنصرم (مصدر ضغوطات البيع اللا متناهية) التخمينات المستمرّة المحيطة بردود بنك الاحتياطي الفدرالي أزاء ضعف الانتعاش الاقتصادي. خلال الأسابيع المنصرمة، باتت إمكانيّة اعتماد جولة جديدة من الحوافز أمرًا شبه مؤكّد. ومع ذلك، إذا ما أدركت الأسواق أن التوسيع النقدي بات محتومًا؛ من المرجّح أن يكون هذا السيناريو سبق أن أخذ بالحسبان. إن لم نصل حتّى الآن الى مستوى اليقين هذا، سيكون هذا الأمر وشيكًا. نظرًا الى أداء الأسهم في مواجهة التطورات الاقتصاديّة، والارتباط الوثيق ما بين سندات الخزانة والأسهم الى جانب الانخفاض المستمرّ في معدلات الأسواق؛ يبدو جليًّا أن خللاً كبيرًا يخيّم على الأسواق. وفي هذه المرحلة، إن الجانب المبهم الوحيد في هذه الحالة الذي سيواصل دعم عمليّات بيع الدولار وزخم المخاطر التي تعترض عمليّات الشراء يتجسّد في حجم ووتيرة البرنامج الجديد المرتقب إقراره في الثالث من نوفمبر. ولهذا السبب، يبنغي رصد التصريحات التي سيدلي بها عدد من أعضاء بنك الاحتياطي الفدرالي هذا الأسبوع. سيكون يوم الثلاثاء حافلاً على وجه الخصوص. مع ذلك، نادرًا ما يوفر الساسة الكثير من التفاصيل؛ ولذلك، فإن غياب الوضوح قد يصبّ لمصلحة الأخضر.
إذا ما كنّا قد تعلّمنا أي دروس من التجارب السابقة، كان بنك الاحتياطي الفدرالي ليستمدّ الوحي والتشجيع في تحديد حجم برنامج الحوافز الضروريّة من تقييم الاستقرار المالي للأسواق المحليّة. وفي هذا الصدد، سيكون المصرف المركزي مشغولاً على الأرجح بموسم أرباح الفصل الثالث التي ستشهد تسارعًا ملحوظًا في الأسبوع المقبل. ينطبق هذا الأمر على وجه الخصوص على المصارف التي تندرج ضمن إطار مجموعات حساسة للغاية نظرًا الى أنها تعكس معدلات الأسواق وكونها السبّاقة عادةً في تنفيذ أوّل موجة من الحوافز. ومع ذلك، تعدّ مصلحة مجلس الاحتياطي الفدرالي في هذه المسألة الدوريّة ثانويّة. من المرجّح أن نلحظ التأثير الأكبر على اتجاهات شهيّة المخاطر نفسها. مع انكباب الأسواق على التخمينات المرتبطة بالحوافز، يقدّر أن تشكّل نقاط تحديد المواقع الفنيّة نقطة ضعف في حال لم يكن قطاع الاستثمرات داعمًا للتوقعات الورديّة التي تبيّنها أسعار الأسواق الحاليّة. وعلاوة على ذلك، وفي الوقت الذي باتت فيه الأسواق على يقين أنه سيتمّ إدراج حزمة حوافز جديدة، سيكون من الصعب إيجاد أي أمر إيجابي في الأوضاع الراهنة.
باستثناء المواضيع الرئيسيّة، يفتقر الجدول الأميركي للبيانات خلال الأسبوع المقبل. ونتيجة لذلك، من المرجّح أن يكون للناتج المحلّي الإجمالي الصيني للفصل الثالث آثارًا أكبر على الدولار والأسواق الأميركيّة بدلاً من المؤشررات التي تتخلّلها المفكّرة الأميركيّة. تشكّل هذه الأرقام القراءة الأولى من نوعها التي تقيّم نمو الاقتصاد المتقدّم في هذه الفترة. كما ينبغي رصد مقرّرات اجتماع مجموعة الدول العشرين. من غير المرجّح أن يتمّ وضع سياسة جديدة لأسواق الفوركس؛ ولكن من يعرف ما يحمله الاجتماع من تطوّرات.