طفرة في الاستثمارات القطرية بمصر

أكد خبراء الاقتصاد في مصر على أهمية زيارة سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى لمصر بعد تلقيه دعوة من الدكتور محمد مرسي الرئيس المصري الجديد، موضحين أن هذه الزيارة ستساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين في جميع المجالات خلال الفترة المقبلة.

وكان سمو الأمير أكد في وقت سابق على استعداد بلاده تعزيز الاستثمارات القطرية في مصر من خلال تقديم حزمة ضخمة من تلك الاستثمارات في الفترة القريبة المقبلة، كما دعا الشركات المصرية للمشاركة في عمليات البناء والإنشاءات الضخمة التى تقيمها قطر استعدادا لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022.

ويعد سمو الأمير أول قائد عربي يزور مصر بعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام الرئيس المصري حسني مبارك وذلك لدعم التعاون مع مصر وفتح آفاق جديدة للتعاون السياسي والاقتصادي، وبحث سمو الأمير خلال هذه الزيارة مع المسؤولين المصريين سبل تعزيز المشاركة المصرية القطرية من خلال عدد من المشروعات الاقتصادية والتنموية المشتركة لدعم الاقتصاد المصري، وفتح آفاق جديدة للتعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين.

وأوضح خبراء الاقتصاد أن زيارة سمو الأمير تعطي الضوء الأخضر لتطبيق الاتفاقيات التي تمت بعد الثورة أثناء اجتماع اللجنة الفنية المشتركة القطرية المصرية والتي اجتمعت بمصر في منتصف العام الماضي برئاسة الدكتور خالد العطية وزير الدولة للشؤون الخارجية وفايزة أبوالنجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي المصري آنذاك وتم الاتفاق على ضخ استثمارات قطرية تقدر بنحو 10 مليارات دولار، فضلا عن الوفاء بتعهدات قطر بشراء سندات خزانة بقيمة 2 مليار دولار على أربع دفعات حيث تم تقديم الدفعة الأولى العام الماضي بقيمة 500 مليون دولار ومن المنتظر تقديم الدفعة الثانية لدعم الموازنة المصرية، مؤكدين أن هذه الزيارة تستهدف وضع الخطوط النهائية لملامح التعاون بين البلدين في المرحلة الراهنة‏.‏

وأضاف الخبراء أن الزيارة تركزت على تفعيل وزيادة الاستثمارات المشتركة بين البلدين خلال الفترة المقبلة، وذلك في ضوء النتائج الإيجابية التي حققتها الزيارات السابقة لسمو الأمير وسمو ولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والوفود القطرية والزيارة التي قام بها للدوحة الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء المصري الأسبق في مطلع شهر مايو من العام السابق ورجال الأعمال المصريين، لافتين إلى أن هذه الزيارة تؤكد مدى مساندة قطر لمصر في هذه المرحلة الدقيقة خاصة بعد انتخاب الرئيس محمد مرسي والإسهام في إقامة المشروعات والشركات المشتركة التي من شأنها دعم الاقتصاد المصري.

وأكد أحمد أبوهشيمة رجل الأعمال المصري ورئيس مجلس إدارة مجموعة حديد المصريين على أهمية زيارة سمو الأمير لمصر خاصة أن سموه لديه موقف واضح تجاه الثورة المصرية وداعم لها، مؤكدا أن سمو الأمير يعقد العزم على تطوير العلاقات القطرية المصرية على كافة المستويات، خاصة أن هناك تأكيدات على أن دعم الدوحة لمصر شعبا وحكومة لن يتراجع لما تمثله مصر من قيمة أساسية وحجر زاوية في منظومة الأمن القومي العربي، ولما يمثله شعب مصر من نموذج للتحضر للأمة العربية.

وأوضح أن زيارة سمو الأمير لمصر شرف للعرب والمصريين خاصة أنها تساهم في دفع العمل العربي المشترك وتدعم التكامل العربي تمهيدا لنهضة عربية حقيقية بعد الثورة معربا عن إعجابه بوقوف قطر بجانب مصر وتدعيمها في جميع المجالات من خلال ضخ المزيد من الاستثمارات.

وأضاف أبوهشيمة أن شراكته مع رجل الأعمال القطري الشيخ محمد بن سحيم آل ثاني أكبر دليل على وفاء قطر بالتزاماتها حيث قام بضخ استثماراته بعد الثورة مباشرة وفي فترة كان رجال الأعمال يخرجون من مصر وهو ما يؤكد إيمان دولة قطر بأهمية مصر وتقديم يد العون لها.

ومن جانبه أكد الدكتور عادل رحومة أمين عام مجلس الأعمال المصري القطري أن زيارة سمو الأمير لمصر تأتي كأول خطوة عملية تترجم ما تم الاتفاق عليه في العام الماضي، خاصة فيما يتعلق بتشكيل لجنة مشتركة مصرية ـ قطرية للإعداد لحزمة من المشروعات المشتركة بين البلدين، وفي إطار توجه قطر لدعم الاقتصاد المصري بعد ثورة 25 يناير، مشيرا إلي أنها تدعم ما تم توصل إليه بين البلدين ودعم مجلس الأعمال المصري القطري الذي بدأ يعمل بخطوات سريعه للأمام.

وقال إنه من المتوقع أن تعمل هذه الزيارة على زيادة ضخ الاستثمارات القطرية لمصر في الفترة المقبلة خاصة أن الاستثمارات القطرية تشكل قوة مالية دافعة في السوق المصرية، ولاسيما أن مبلغ المليارات العشرة سيلعب دوراً في إعادة التوازن إلى مؤشر تدفقات الاستثمار الأجنبي على مصر.

وأشار إلى أن اهتمام مصر بجذب الاستثمارات العربية في هذه المرحلة أمر جيد، لأن الدائرة العربية ترتبط بمصالح مع السوق المصرية أكبر بكثير من المصالح التي تربط هذه السوق بالاستثمارات العالمية.

وأضاف أن هناك قدرة لدى الاستثمارات القطرية على تغيير خريطة وواقع الاقتصاد المصري خلال سنوات قليلة، إذا حدث تدفق كبير وجاد ومستمر لهذه الاستثمارات في السوق المصرية في ظل توافر فوائض مالية خليجية كبيرة في الفترة الراهنة، نتيجة ارتفاع أسعار النفط، وتراجع قابلية وجاذبية الأسواق الدولية للاستثمارات العربية المنتشرة حول العالم.

ولفت رحومة، إلى أن الاستثمارات القطرية في مصر حددت ثلاث وجهات تشمل قطاعات الخدمات المالية والبنية التحتية وصناعات البتروكيماويات باعتبارها قطاعات واعدة ومحاور مفصلية في حركة الاقتصاد الكلي.

وأكد رحومة أنه سيتم بعد عيد الفطر اجتماعات لرجال الأعمال في كلا البلدين من خلال عقد جلسات مجلس الأعمال المصري والقطري لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في فترة سابقة من مشروعات سواء في مصر أو قطر، مضيفا أن العلاقات المصرية القطرية عميقة وتاريخية ولا يمكن أن يتم التهاون بها لأنها المحرك الرئيسي للتكامل العربي.

بينما يقول الدكتور فؤاد شاكر أمين عام اتحاد المصارف العربية السابق أن زيارة سمو الأمير إلى مصر ستساهم في دعم وإنقاذ الاقتصاد المصري وتعمل على خروجه من الأزمة الحالية وتكون نواة لخريطة العلاقات العربية في جذب الاستثمارات في الجمهورية الثانية التي يرأسها الدكتور محمد مرسي، مشيرا إلى أن الرئيس المصري كان موفقا في دعوة سمو الأمير لزيارة مصر خاصة أن سموه أبدى مساعدته لمصر بعد الثورة مباشرة وكان أول قائد عربي يساند الثورة المصرية مما يؤكد على تطلعاته لدعم مصر.

وأوضح شاكر أن قطر تسعى إلى الاستثمار في مجالات عديدة ومهمة خاصة في القطاع الزراعي والسياحي والخدمي والعقاري مشيرا إلى أن الدعم القطري لمصر يؤكد على قوة الاقتصاد المصري وجاذبية السوق المصري الذي يعد أكبر سوق استهلاكي في المنطقة.

وأضاف أنه إذا نجح الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي في دعم التعاون الخليجي وخاصة القطري وسد الهوة التي افتعلها النظام البائد في السنوات العجاف الماضية ستحقق مصر أكبر درجات التقدم وسيذكره التاريخ كأول قائد مصري مدني ينهض بالبلاد.
ومن جانبه أكد طارق حلمي الخبير الاقتصادي أن زيارة سمو الأمير لمصر ستساهم في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية للبلدين بعد تشكيل الهياكل الأساسية للبلاد خاصة أن الاستثمارات القطرية كانت مرهونة بانتهاء مصر من الهياكل الإدارية وانتخاب رئيس الجمهورية مشيرا إلى أن مصر تنتظر وعود الجانب القطري السابقة بضخ الاستثمارات وهو ما عودتنا عليه قطر من الوفاء بوعودها.

وأوضح أن هناك شركات قطرية حكومية وخاصة تستهدف قطاع البنية التحتية في مصر وتستعد للدخول بقوة في مشروعات الطرق والجسور ومحطات المياه وتوليد الكهرباء، إلى جانب مشروع عملاق لإنشاء ميناء محوري، ومنطقة عالمية للتجارة الحرة على ضفاف قناة السويس، تسهم في تحويل الممر المائي المصري إلى منطقة دعم لوجستي، وصناعات تجميعية ومناطق تخزين وترانزيت لحركة التجارة العالمية العابرة من أوروبا إلى الشرق الأوسط والعكس.

وألمح إلى أن هذا المشروع تراهن عليه الحكومة المصرية في توفير مائتي ألف فرصة عمل خلال السنوات المقبلة، حيث تستعد لإعلان المشروع قريباً بالاتفاق مع الجانب القطري، بعد أن أكدت دراسات جدوى المشروع قدرته على الوصول بعائدات مصر من رسوم المرور في قناة السويس إلى نحو عشرين مليار دولار سنوياً، مقابل مبلغ خمسة مليارات دولار دخل القناة في العام.
وأضاف أن الشركات القطرية المتواجدة في مصر تعمل بشكل إيجابي في الفترة الماضية وتساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي في مصر وامتصاص العديد من العمالة المصرية.

ومن جانبه أكد الدكتور رشاد عبده الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن زيارة سمو أمير دولة قطر لمصر تساهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية في المرحلة القادمة خاصة أن التعاون الاستثماري والتجاري يتزايد بين البلدين.. مشيرا إلى أن هذه الزيارة تأتي من خلال اهتمام الطرفين بتعزيز العلاقات الاقتصادية .. لافتا إلى أن هذه الزيادة ستساعد في جذب الأموال القطرية للعمل والاستثمار داخل مصر التي تتمتع بمناخ آمن للاستثمار مع وجود الضمانات والإصلاحات التي قامت بها الحكومة المصرية.
المصدر: الراية القطرية