الآفاق الأساسية لليورو:محايدة
انحسرت الاختراقات الفنيّة التي شهدها كلّ من اليورو/ين واليورو/دولارعلى وقع الأنباء المتعلّقة باليونان بعد أسبوع حافل بالشك والغموض، تمكّن اليورو من تجاهل العناوين الصاخبة المحيطة بمفاوضات الديون القائمة ما بين اليونان ومجموعة اليورو، وأقفل دون تسجيل أي تغيير يذكر مقابل سلّة من نظرائه الرئيسيّين. فعلى صعيد النقيضين، هوى اليورو/ أسترالي بنسبة 1.15%، في وقت اكتسب اليورو/ كندي 0.55%. أما في الوسط، فقد تراجع اليورو/جنيه استرليني بنسبة 0.14% وانخفض اليورو/دولار بنسبة 0.11%. غنيّ عن القول، إن تحرّكات الأسعار هذه لا تجسّد دلائل على فشل مفاوضات اليونان، أو على تناول النقاش الدائر مسألة نشوء أزمة حيويّة تتعلّق بمصير اليورو.
لعلّ التجّار، إذ اعتنقوا أحد أكثر وجهات النظر تشاؤمًا أزاء اليورو تاريخيًّا – مع بلوغ صافي عقود البيع مستهلّ الأسبوع 194.6 ألف، على مقربة من الذروة التاريخيّة المحقّقة خلال الأسبوع المنتهي في يونيو 2012 والتي ناهزت 214.4 ألف عقد بيع – بلغوا بكلّ بساطة مرحلة استنفذوا فيها جميع طاقاتهم لتفسير العناوين المتعلّقة باليونان. ومع تقلّص مواقع البيع في الأسبوع المنتهي في 17 فبراير (تراجعت وصولاً الى 185.6 ألف عقد بيع)، ربما باتت مصلحة التجّار تستوجب الأخذ بنصيحة أحد الأساطير، جورج سوروس: "كلّما ساءت الأوضاع، كلما باتت فرص انعكاسها أوفر، وبات التحسّن أكبر."
إن المخاوف الكامنة أزاء مستجدّات الاتفاقيّة ما بين اليونان ومجموعة اليورو تحدّ من تقدّم اليورو. فميثاق التمديد يوفّر مهل جديدة لمدّة أربعة أشهر، مبدّدًا مخاوف الإفلاس الفوري، وإن كان لا يساهم في معالجة أزمة السيولة الراهنة التي تواجهها المصارف اليونانيّة. تشير التقديرات الى أن قرابة 100 مليار يورو تمّ سحبهم من المصارف اليونانيّة خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة، ما يترك النظام المصرفي معتمدًا بالكامل على مرافق مساعدات الإقراض الطارئة الخاصّة بالبنك المركزي الأوروبي. أما في الوقت الراهن، ونظرًا الى إمكانيّة تقييد البنك المركزي الأوروبي منافذ مساعدات السيولة الطارئة (على غرار ما حصل مع البنوك القبرصية في العام 2013)، من المحتمل أن يحافظ التجّار على المواقع المعوّلة على ضعف اليورو مع رصد ضوابط رأس المال والإجازات الرسميّة التي تشهدها ساحة البنوك في اليونان خلال الأسابيع المقبلة.
وحده تحوّل اهتمام الأسواق بعيدًا عن مسألة اليونان من شأنه أن يعيد الى اليورو فرص الارتفاع. وكما لحظنا في المجموعة الأولى من محاضر اجتماعات البنك المركزي الأوروبي التي تمّ نشرها يوم الجمعة، لم يكن الجدل الكامن يقتصر على توقيت برنامج التيسير الكمّي (لا جديد في هذا الصدد؛ إلا أننا نعلم أنّه سيبدأ في مارس) وإنما على الشروط التي تحتّم نهاية البرنامج التوسّعي المكروه من المانيا. ينبغي إيلاء هذه المحادثات اهتمامًا خاصًّا، لا سيما في ظلّ تحسّن البيانات المرتقبة في منطقة اليورو بوتيرة متينة.
بلغ مؤشر Citi للمفاجآت الاقتصاديّة الخاصّ بمنطقة اليورو +56.1 مع نهاية الأسبوع المنصرم، وهو أعلى مستوى له منذ 7 مارس 2013 (+56.5)، في حين تقدّم ليناهز أكبر فارق مقارنة بنظيره الأميركي منذ سبتمبر 2010. بعبارة أخرى، ونسبة الى التوقعات، كانت بيانات منطقة اليورو تتفوّق على نظيراتها الأميركيّة، وهي سابقة لم نعهدها منذ حوالى أربع سنوات ونصف. والى جانب تحسّن البيانات، كانت مقاييس توقعات المعدلات التي تراجعت أيضًا من مستوياتها القصوى التاريخيّة. يستقر مؤشر Morgan Stanley "للأشهر المتبقيّة حتى الزيادة الأولى للمعدلات" عند 45.6 (إشارة الى زيادة المعدلات في ديسمبر 2018)، أي دون المستويات التي شهدناها خلال الأسابيع الأخيرة، دلالة على أن المعدلات ستبقى دون تغيير حتى مارس 2019.
لا تزال الفوضى تقضّ مضجع منطقة اليورو، على الصعيدين السياسي والاقتصادي على حدّ سواء، بيد أن البيانات كانت حتمًا أكثر إيجابيّة خلال الأسابيع الأخيرة. كما استقرّت توقعات التضخّم: أنهى مؤشر مستويات تعادل التضخّم لخمسة أعوام الأسبوع عند 1.603%، على مقربة من معدل الأربعة أسابيع / المتوسط الحسابي لعشرين يومًا الذي ناهز 1.586%. أما بالنسبة الى المخاوف الكامنة المتعلّقة باليونان، يبدو أن بلوغ صافي عقود البيع في صفوف المضاربين 185.6 ألف في الوقت الراهن بات من السيناريوهات المستهلكة، وقد يوفر الفتيل الذي يشعل شرارة التهافت على تغطية مواقع البيع.
DailyFX
اليونان تحصل على مهل جديدة وفرص ارتفاع اليورو تقتصر على تحوّل التركيز الى البيانات المرتقب
المواضيع المتشابهه 
