رد: (*_*) متابعة اخبارية لاخر الاخبار بسوق العملات (*_*)
اليورو في نهر النسيان
إن مسألة توجه الأوروبيين إلى إظهار قدر أكبر من الاهتمام بشأنهم الخاص أو أنهم يسرون نحو قدر أكبر من الانضباط لا يمكن حسمها إلا من خلال الاعتماد على حكمكم الشخصي. على الرغم من ذلك، زاد من الألم والمرارة التي ينطوي عليها الموقف الحالي، أن ألماني وفرنسا وعرضهما لمساعدة اليونان لن يصل إلى المستوى الذي من الممكن أن تقدم فيه أي من الدولتين على إلحاق الضرر بمواطنيها لصلح اليونان. جدير بالذكر أن خطرًا بدأ يحلق في الأفق مهددًا المستشار الألماني والرئيس الفرنسي بفقد منصبيهما في الانتخابات القادمة إذا أقدما على فعل ذلك.
بهذا الصدد، صرحت أنجيلا ميركيل، المستشار الألماني في أعقاب قمة الاتحاد الأوروبي يوم الخميس الماضي بأن "الحل الأمثل (لموقف في اليونان) هو أن تعمل اليونان على الوفاء بالتزاماتها وأن الأسواق تؤمن بأن هذه الالتزامات سوف يتم الوفاء بها فعلًا". إضافةً إلى ضلك، عرض مسئولي القمة توعًأ من التضامن مع اليونان ولكن دون ترجة هذا التضامن إلى أموال أو ضمانات قروض.
فالرأي العام في شمال أوروبا يعارض بشدة تمويل الإسراف اليوناني من أموال دافعي الضرئب في منطقة اليورو. فقد دأبت الحكومات اليونانية المتتالية على الاستفادة من معدل الفائدة المنخفض وعضوية الاتحاد النقدي الأوروبي لتحقيق ازدهار اقتصادي زائف تجفع ثمنه في الوقت الراهن. ومما ل شك فيه أن اليونان سوف تواجه صعوبة بالغة في عكس اتجاه اليدن الحكومي في ربيع 2010 دون الحصول على ضمانات خارجية أو تكلفة اقتراض مدمرة. فلم ينفع الأثينيين في الوقت الحالي ما حدث من انضمام اليونان إلى الاتحاد النقدي الأوروبي في 2001 بعدما خدعت باقي شركاءها من دول الاتحاد بإخفاء الحجم الحقيقي للعجز المالي لديها في ظل ولاية الحكومة اليونانية السابقة.
"على اليونان أن تساعد نفسها، ونحن نريدها أن تغعل ذلك". "أن نساعد في إقناع الشعب (شعب اليونان) بضرورة اتباع سياسة مالية سليمة"، كان ما سبق في إطار تصريحات وزير المالية الألماني، وولفجانج شايوبل، في لقاء أجرته صحيفة فرانكفورتر راندشو الألمانية. ةربما يكون شايوبل قد قصد بكلمة مساعدة أن الخفض الجائر للإنفاق يعتبر هو "النتيجة المنطقية والحتمية" للمعضلة المالية التي تخوض غمارها البلاد. ومن المتوقع أن يتفهم الشعب اليوناني هذا الحل ويسلم به.
ولكن على الرغم من ذلك، نرى أن اليونان هي المثال البارز الوحيد لمشكلة تشترك فيها العديد من الدول الأقل ثراءً وتعقلًا في الاتحاد الأوروبي والتي من بين أهمها؛ إسبانيا، البرتغال، أيرلندا وإيطاليا والتي إلى حدٍ ما تأصل فيها استخدام العملة الأوروبية الموحدة.
إن تجربة الاتحاد النقدي الأوروبي، التي تتضمن سياسة نقدية موحدة ومعدل فائدة واحد لـ 16 دولة مع غياب سياسات مالية وضريبية منسقة فيما بين هذه الدول وانتخاب حكومات ذات تقاليد اقتصادية مختلفة تحصل على حكم البلاد ليس من منطلق سلطة فيدرالية، بل اعتمادًا على أصوات الناهبين في كل دولة من هذه الدول، وهي التجربة التي تعتمد كليةً على مدى ما يتوافر لدى هذه الحكومات من حكمة وحس اقتصادي جيد لحكومات الدول المكونة للاتحاد النقدي الأوروبي. فالاتحاد النقدي الأوروبي يفتقر تمامًا إلى آليات قابلة للوضع موضع التنفيذ تتسم بالمصداقية تمكنه من ضمان الانضباط المالي من جانب الدول الأعضاء.
إن ميل الناخبين اليونانيين إلى أن ينهلوا من الفوائد والمدفوعات الحكومية التي تمنحها الحكومة لهم، من الممكن أن ينطبق على الناخبين، ولكن إلى حدٍ أقل، على الناخبين في إيطاليا، إسبانيا والبرتغال، ليس ذلك فسحب حيث من الممكن أن ينطبق على الناخبين في ألمانيا وفرنسا أيضًا. فعلى الرغم من أن الاحتجاجات التي عجت بها شوارع أثينا العام الماضي لم تسف عن أي تغير ملحوظ في السياسة الاقتصادية للبلاد وعدم وجود صلة مباشرة بين هذه الاحتجاجات وبين الأزمة الحالية، إلا أنه ليس من المنصوح به تجربة ردة فعل الناخب اليوناني.
لقد ترسخ في أذهان المسئولين عن صياغة معاهدة ماسترخت أن العملة الأوروبية الموحدة سوف تستمد قوتها من نفسها لا من قوة اقتصادات الدول الأعضاء. كما توقع كتاب المعاهدة أن يظهر التجانس والانسجام المالي سوف يظهر نتيجة لمتطلبات معايير التقارب اللازمة للحصول على عضوية الاتحاد النقدي الأوروبي والتي تتطلب معايير صارمة لأداء هذه الدول فيما يتعلق بالعجز المالي. وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع. فالدول التي اعتادت على الاقتراض ومن ثم انخفاض قدرته على المنافسة، إيطاليا، اليونان، إسبانيا والبرتغال، لا زالت لا تحرك ساكنصا وافقة في مكانها منذ الانضمام إلى الاتحاد النقدي الأوروبي، وهو ما يشير إلى أن المعاهدة لم تعلم هذ ه الدول الحكمة المالية والتعقل الاقتصادي.
ولكن لا زالت الرؤية غير واضحة فيما يتعلق برغبة أي من الناخبين في اليونان، كمثال لدول الاتحاد النقدي الأوروبي، تتوافر لديهم الرغبة في العودة إلى عالم ما قبل اليورو الذي امتلأ بحروب وتنافس العملات عبر الحدود. فمهما كان التذبذب والاضطراب في الموقف الحالي، لا زالت المقارنو تعمل لصالح الوضع الحالي مقابل الاضطرب الاقتصادي الناتج عن القواعد القديمة التي فرضتها آلية سعر الصرف القديمة التي عانت دول الاتحاد من ويلاتها لسنوات عدة. على ما يبدو أن الاتحاد النقدي الأوروبي خاضع لخطر محدق، ولكن في الحقيقة ليس الأمر كما يبدو عليه. فمن المشكوك فيه أن نجد ولو شخص أوروبي واحد، سواءً في الدوائر الحكومية أو خارجها، تتوافر لديه الرغبة في فالعودة إلى التنافسية في خفض سعر الصرف، اختلاف العملات من دولة لأخرى، أسعار الفائدة المتقلبة والمواقف الحيادية للسياسة النقدية فيما يتعلق بسعر الفائدة على مدار الليلة التي تتراوح ما بين 50% و100% لتستهدف مضاربي العملات.
يتبقى لنا هنا أن نتعلم درسًا واحدًا من الأحدث التي وقعت على مدار السنوات الثلاث الماضية، وهو الدرس المتمثل فيما نشاهده من الأوضاع المالية الحالية والتبعات المالية الناتجة عن الممارسات المشار إليها. فإذا أمكننا تطبيق ذلك على بنك ليمان براذرز وما تعرض له من انهيار، فيمكن تطبيقه على الاقتصاد الوطني بالكامل. وإذا أغلقت اليونان سوق السندات الحكومية، فما هي التبعات التي من الممكن أن تؤثر على النظام المصرفي في منطقة اليورو بصفة عامة حيث أن هناك الكثير من لصلات التي تربط بين اليونان والعددي من البنوك ومؤسسات القطاع المصرفي الأوروبي عبر عضوي الاتحاد النقدي الأوروبي في فرنسا (76 مليار يورو)، سويسرا (64 مليار يورو) وألمانيا (43 مليار يورو) وهي الصلا ت المباشرة الأبرز بين عديد من الصلات المماثلة. فتشعب مشكلة انخفاض قيمة الأصول من الممكن أن يتحول إلى ظاهرة بسرعة فائقة تنتقل من بنك إلى آخر ومن دولة إلى أخرى. ولن يتمكن ساعتها اي من قادة دول المنطقة من الاحتفاظ بمنصبه وتحمل التبعات التي قد تنشأ عن تعثر أي من دول اليورو.
ولكن لن يقتصر الأمر على ذلك حيث من المتوقع أن تيجاوز ذلك إلى إحداث تبعات سياسة أيضًا. إذا أصرت ألمانيا وفرنسا على تعريض البلدين لمعاناة اقتصادية بسبب تحمل مسئولية مساندة الدول المتعثرة في الاتحاد النقدي الأوروبي، فما الذي من الممكن أن يطيح ب شعبية المشروع ككل؟ لذا فعل ألمانيا وفرنسا أن تفكرا مليًا في مطالبة اليونان بمزيد من الانضباط المالي والمزيد من الصرامة في هذا الشأن.
وتعتبر فترة الثلاث سنوات فترة طويلة في حياة السياسة النقدية. فمهما كان الحلول المتوافرة، تعتبر فرصة الحفاظ من جانب اليونان على انضباط مالي صارم حتى تعود بالعجز المالي تحت مستوى 3% من الناتج المحلي اليوناني تعتبر محدودة للغاية. وحتى نكون منصفين أكثر، يتبقى لنا التساؤل حول ما إذا كان الناخب اليوناني سوف يترك الفرصة للحكومة وأن يفتح لباب أمامها لتنفيذ ما وعدت به.
وإذا رجع اليونان وغيرها من دول منطقة اليورو عالية الإنفاق إلى معايير الموازنة التي تنص عليها معاهدة ماسترخت، فسوف يدركون أنه من الضروري، ولو لليورو على الأقل، الانضمام إلى نادي يعوض فيه المدخرون من دول شمال أوروبا ما بذرته دول الجنوب. فلن تستقر الحقيقة في التصويت طويلًا ولا في الاتحاد النقدي الأوروبي.
مع ذلك أرى أنها فكرة جيدة للمستقبل أن يكون هناك اتحادًا نقديًا بين ألمانيا وفرنسا والذي من الممكن أن يظهر بصفة أساسية نتيجو للتحريض والتحرك الألماني نحو المطالبة بالمزيد من الصرامة والحزم في تطبيق المعايير المالية اللازمة للانضمام إلى عضوية الاتحاد النقدي الأوروبي وسط الآلام الاقتصادية التي تقاسيها شعوب اليونان، إسبانيا، البرتغال وأيرلندا والتي من الممكن أن تجعل جميع الأصوال ضد الاتحاد النقدي الأوروبي فهل يمكن ذلك؟
فمسئولية العملة الأوروبية الموحدة تقع بين يدي الاتحاد النقدي الأوروبي. ولا نريد أن نفوض صندوق النقد الدولي في حل هذه المشكلة، وفقًا لما صرح به شايوبل، وزير المالية الألماني, وربما يحتاج الاتحاد النقدي الأوروبي إلى التفكير فيما إذا كانت قواعده الخاصة تحقق مصالحه أم لا؟
التوقيع
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
إن وضعت هذه الكلمة في توقعيك
وقالها كل من قرأها سيوضع في ميزان حسناتك 10 حسنات
أغلي بكثير من صور خليعة