• 3:57 مساءاً




رواية حوجن الجزء الاخير

إضافة رد
أدوات الموضوع
عضو فـعّـال
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 1,439
معدل تقييم المستوى: 10
Instegram is on a distinguished road
18 - 05 - 2015, 04:06 PM
  #1
Instegram غير متواجد حالياً  
افتراضي رواية حوجن الجزء الاخير



حلقةة 20 والأخيرة ( الوداع يا سوسن! ) ..


كنت أظن أن أصعب لحظة في الحياة هي لحظة الوفاة.. تقترب منا كلما فررنا منها.. لكنني اكتشفت اليوم أن في الحياة لحظات نتمنى أن يداهمنا الموت قبل أن تداهمنا.. لحظات يقتلنا فيها الألم لفقد من ذابت لهم قلوبنا.. اليوم تركت سوسن بين الحياة و الموت لأفجع بفقدان جمارى.. وابني! انطلقت إلى ملاج وأنا متيقن من أني لن أعود. احتشد الجميع في ساحة المدينة حول المنصة الملكية, التي جلس عليها هياف بكامل أبهته على عرشه, وعن شماله مبعوث اللعين وأمامهم المذبح, وعلى المذبح طفل رضيع, هذه أول مرة أرى فيها ابني.. أراه بين يدي سادن يتأهب لذبحه من أجل اللعين! في موقف كهذا لا يحتاج الشخص إلى تحليل أو تفكير, كنت أتقدم نحو المنصة بجنون وهياف يتلو الطلاسم وفي لحظة مباغته كنت أمام السادن الذي صُعق عندما فوطئ بي أمامه, لم يستمر اندهاشه لأكثر من لحظة حيث كنت أمرر السكين التي كان يستلها فوق عنق ابني على عنقه هو, لم أعطه الفرصة ليستوعب أنه ذُبح على مذبحه! مددت يدي لأتناول ابني الذي لطخته دماء السادن ولكن حركتي تكبلت قبل أن أصل إليه حيث هجم علي جيش من الحرس الذين تكوموا فوقي وثبتوني على الأرض, رأيت أقدام الملك تقترب ببطء من رأسي الملتصق بالأرض:


"حوجن.. معليش أضطريت أفتح بطن جمارى عشان أخذ الولد.. تعرفني ما أقدر أصبر!"


فجأة سقط وجهي مباشرة رأس.. رأس زعنام..


"للأسف الشديد أضظريت أقتله.. كان بيسوي فيها بطل وبيدافع عن أخته, بس تصدق؟ المدام من جد حلوة, حتى وإنا بنشق بطنها كانت غاية في الجمال! بس ما حبيت أشغلك عن البنوتة الإنسية وأجيبك تشوف ولدك ينذبح قدامك.. أخلاقياتي ما تسمح لي.. لكن بما إنك أصريت تشرفنا.. مافي مانع نشرب المزيد من دم الفيحيين.."


كانت هذه غلطة هياف الكبرى, تجرأ على ذكر جمارى! لقد أصدر حكم الاعدام على نفسه! ماجت الدنيا أمام عيني أعتقدت أنني استطعت رفع كومة المردة فوق ظهري لوهلة ثم.. انتقلت! انتقلت إلى عالمكم.. وسحبت معي مجموعة منهم! شعرت بنفسي ساقطاً في الهواء لأرتطم بالأمواج الثائرة ومن حولي المردة.. صارعت الأمواج وأنا أسمع صرخاتهم التي تستوعب أنهم انتقلوا إلى البعد المادي ليغرقوا في أعماقه. يجب أن أعود لأنقذ ابني! شعرت بذراع لزج يلتف حول عنقي وذراع أخرى التفت حول معصمي وذراع التف حول خصري وآخر حول صدري يعتصرني بشدة, يحطم أضلاعي وشعرت بأنياب حادة تنغرس بين رقبتي وكتفي.. لقد كان ذلك هياف.. قرر أن يتخلص مني في العالم المادي فتجسد واتخذ شكل مخلوق عجيب بأذرع متعددة وأنياب حادة كان من المستحيل أن أتخلص منها. حاولت أن أعود لبعدنا باستماته, اختنقت بدأت أشعر أن لحظة وفاتي قد حانت, ولكنني ما إن تذكرت ابني حتى فرت مني لحظة الوفاة فصرخت رغم اختناقي وضلوعي المتهمشة والمياه التي ملأت صدري.. حاول أن يلجم فمي بأذرعة ولكن صرختي انطلقت وأعادتني! سقطت كالحجر بقرب المنصة بجواري الملك هياف.. ولكن المنصة التي غادرناها لدقائق بسيطة انقلبت إلى ساحة معركة حقيقية! الغلطة الأخرى التي ارتكبها هياف هي أن تمادى في التهكم بالفيحيين! ثارت دماؤهم التي كان يتوعد بشربها فانقضوا على الحراس وعاونتهم الحشود التي لم تعد تطيق ظلم هياف.. كانت معركة غير متكافئة أبداً.. استأثر فيها الفيحيين بالكثرة والشجاعة ووجد هياف نفسه ملقى بين أقدام الذين كانت غاية أمانيهم أن يدرسوه ويتخلصوا من ظلمه. لم آبه بهياف! ولم آبه بدمائي التي تنزف بغزارة من رقبتي و كتفي, ولا بالآلام الرهيبة في ضلوعي.. فقط انطلقت بين الزحام نحو ابني الذي حمله أحد أعمامي, تناولته منه, احتظنته أول مرة في حياتي, ثم اظلمت الدنيا في عيني وفقدت وعيي.


لطف الله ليس له حدود, في خضم يأسنا ومآسينا تنسينا عقولنا المحدودة لطف ربما وقدرته, حتى انقض علينا هلاكُنا تغمدنا برحمة منه تخجلنا من يأسنا وتنسينا مآسينا. أفقت من غيبوبتي في اليوم التالي, كنت مستلقٍ في بيت أحد أعمامي, تلفت للجهة الأخرى فرأيتها. رأيت جمارى مسلتقية جواري.. رؤيتي لها ردت إلي روحي فتوجهت لها رغم آلامي, أريد أن أتأكد إن كانت هذه جمارى أم جثتها, كانت شاحبة كالأموات وكأن دمائها قد جفت.. وضعت يدي على جبينها وهمست همسة عجزت أذني عن سماعها..


"جمارى.. جمارى.. أنا حوجن.."


فتحت عينيها بتثاقل شديد, حاولت أت تتعلق بحضني ولكن جراحها وآلامها لم تسعفها سوى بتحريك شفتيها:


"حوجن.. حوجن حبيبي.. ليه تأخرت؟"


صمتت شفاهي ونطقت دموعي.. احتضنت كفها إلى صدري..


"حوجن كيف حال سوسن.."


أومأت برأسي.. لا يهمني في هذه اللحظة سوى جمارى وابني.. لحمتها زوجة عمي فأقبلت في فرح تحمل ابننا, تناولته منها بيد ورفعت جمارى باليد الأخرى ليستمتع بخضن أمه لأول مرة, ابتسمت جمارى وكأن روحها عادت إليها هي أيضاً عندما اطمأنت على ابننا..


- "ميحال.. سبهك يا حوجن!"


- "قصدك إلياسين.."


لم يتوقع أحد أن لا أسمي ابني على اسم أبي وأن أسميه على اسم جدي النفري..


- "إلياسين؟"


- "اسم جدي الله يرحمه.. لو أبويه كان عايش ما كان رضي يسميه غير إلياسين.."


تركت ملاج بعد أن تماثلنا للشفاء أنا وجمارى. بعد مقتل هياف والتمثيل بجثته اتفق سكان ملاج وضواحيها على تشكيل سلطة حاكمة مكونة من زعماء القبائل يترأسهم عمي. وبالرغم من انشغاله إلا أنه حاول مراراً ليقنعنا بالاستقرار في ملاج, نفس المحاولات حاولها معنا شيخ اليتمة عندما ذهبت لأري ابني إلياسين لوالدتي. قررت أن آخذ والدتي وزوجتي وابني لنستقر بعيداً عنكم أيها الإنس.. وبعيداً عن الشياطين في ملاج وبعيداً عن المتشددين في اليتمة فانتقلنا للعيش في الهندبة التي تطورت مدنياً عندما تعايش سكانها تحت مظلة الحرية والعدل وتجاهلوا العنصريات القبائلية والمذهبية.


انشغلت بأسرتي عن سوسن.. عدت للاطمئنان عليها بعد أن استقرت أموري العائلية, كانت حالتها تدمي القلوب, بعد العملية فقدت ذاكرتها وقدراتها العقلية وأملها في العودة لحياتها الطبيعية, كانت كطفلة تائهة لا تملك سوى إصرارها وتعلها برحمة الله, وكان إياد معها لحظة بلحظة, كنت أحضر معه جلساتها العلاجية, التي استمرت سنة كاملة أعادت تأهيلها جسمانياً وعقلياً, ولكن نفسياً بقيت محطمة, وتدخلت أنا لعلاجها بخطة عبقرية رسمها إياد. بدأت سوسن تتذكرني وتذكرني, سألت إياد عني مراراً, ولكنني نبهته إلى أنه يجب أن ينكر وجودي, يجب أن تنسى سوسن كل شيء عني كي تعيش حياتها الطبيعية وتسخر جميع عواطفها لإياد. استغل إياد شهادته الطبية وبعض أموال أبيه ليفتح عيادة نفسية, واختار أكثر الأطباء خبرة في حالة سوسن: أنا!


استغرقت فترة طويلة لأتقن التشكل في عالمكم, والبركة في جمارى التي علمتني, كنت أنتحل شخصية الدكتور النفساني عماد زكي, كانت جمارى تنتحل شخصية ممرضتي, هي أصرت على ذلك من باب الفضول, والغيرة على ما أعتقد. معرفتي بكل ما حصل لسوسن سهل علي عملية إقناعها بأني لم أكن سوى وهم نسجه خيالها وشخصية ابتكرتها هي لتعزز جوانب النقص في شخصيتها.. لم تقتنع بسهولة, سنة كاملة وأنا أعيد إحياء معنوياتها وثقتها في نفسها, سنة كاملة وأنا أحاول محو جميع ذكرياتي من وجدانها.. ونجحت! كنت أتعذب وأسيطر على دموعي بصعوبة اثناء كل جلسة وتنهار سيطرتي بعدها. كدت أن أفضح نفسي أكثر من مرة, كدت أن أعترف لها بوجودي وبحبي. ولكن ذلك الحب منعني من أن أعود مرة أخرى لحياتها التي عادت إلى طبيعتها. عزموني بصفتي الدكتور عماد زكي وممرضتي, جمارى, إلى زواجهما, وبعدها بسنة عزمونا بمناسبة تشريف مولودتهم الجديدة التي أصر إياد على تسميتها جكانة إكراماً لجمارى بالرغم من أن ذلك الإصرار كاد أن يفضحنا.


أصبحت أراقبها كلما سنحت لي الفرصة, أزور منزل الدكتور عبدالرحيم رحمة الله عليه كل جمعة حيث تأتي سوسن وإياد لزيارة السيدة رجاء. آخذ معي إلياسين أحياناً. ترانا طفلتهم جمانة التي لا تزال روحها غضة شفافة فتضحك مع إلياسين, أحرص دائماً على توصية إياد على سوسن, أرسل له رسائل من جواله الذي لازلت أحتفظ به, وعندما سألته سوسن يجيبها بأنها رسالة من Dr. E Z الدكتور عماد زكي للسلام والاطمئنان.


وهاهي السنين ترونها تمر بسرعة, ونراها تمر أسرع.. لا أصدق أن إلياسين أصبح في الرابعة وجمانة في الثانية من عمرها, مرت هذه السنين البسيطة من عمري بأحداث لم تمر علي في التسعين سنة التي قبلها, وما زلت أتساءل لماذا كتبتها لكم..


أشكركم على كل كلمة قرأتموها وكل عاطفة شاركتموني إياها, قد أكون بجوار أحدكم الآن وهو يقرؤها, قد أشاهد أبنائكم وأحفادكم يقرأونها. كم ترعبني هذه الفكرة! فكرة أنني أكبر ببطء بينما أشاهد سوسن تكبر أمامي بسرعة.. بعد سنوات قليلة ستكبر جمانة وتتزوج ويصبح لسوسن أحفاد و..


المهم أن تكون هي بخير..


وأن تكون فكرتكم عنا تغيرت..


وأن أترك بين يديكم قصتي..

قصتي مع سوسن.. الإنسية

رواية حوجن الجزء الاخير

للتحميل إضغط [عذراً, فقط الأعضاء يمكنهم مشاهدة الروابط ]



رواية حوجن الجزء الاخير

التوقيع

signature
رد مع اقتباس

عضو الماسي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 37,798
معدل تقييم المستوى: 52
محمد حمدى ناصف is on a distinguished road
افتراضي رد: رواية حوجن الجزء الاخير
2#
19 - 05 - 2015, 07:45 AM
جزاك الله خيرا

ودى واحترامى



سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
بعدد خلقه وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته
محمد حمدى ناصف غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس


إضافة رد



جديد مواضيع استراحة بورصات

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية حوجن الجزء الثاني Instegram استراحة بورصات 0 18 - 05 - 2015 04:02 PM
رواية انت لي الجزء الاخير UoZa استراحة بورصات 1 12 - 09 - 2014 02:56 PM


03:57 PM