الدولار الأميركي: الدولار الأميركي في أمسّ الحاجة الى انتعاش اتّجاهات المخاطر بغية استدامة

الدولار الأميركي: الدولار الأميركي في أمسّ الحاجة الى انتعاش اتّجاهات المخاطر بغية استدامة مساره
شهد الدولار الأميركي تقدّمًا ملحوظًا في الأسبوع الأوّل من العام 2011. * جاء تقرير الوظائف المتوافرة خارج القطاع الزراعي الأميركي مخيّبًا للآمال، وتراجعت سوق العمل الى أدنى مستوى لها في ستّة وعشرين عامًا
* أفاد مجلس الاحتياطي الفدرالي بأنّ النمو الاقتصادي ليس مستدامًا بما يكفي لضمان فرص تعديل برنامج حوافز
* بدأ الدولار العام الجديد متفوّقًا في أدائه، ولكن الى متى ستدوم هذه القوّة؟
شهد الدولار الأميركي تقدّمًا ملحوظًا في الأسبوع الأوّل من العام 2011. في الواقع، وعند إلقاء نظرة سريعة على أدائه، نجد أنّ الأخضر تسارع صعودًا بما يناهز 3.5% مقابل الفرنك، وبنسبة 3.4% مقابل اليورو، و2.1% مقابل العملة الأسترالية. والجدير بالذكر أنّ هذا الأداء تزامن مع تحرّكات انعكاسية ملحوظة واحتمال إعادة إحياء الإتّجاهات الخامدة. بالإجمال، يبدو أنّ الدولار يمتلك الفرص الأوفر هذا العام وسيتربّع على عرش الصدارة. مع ذلك، من الضروري الإدراك بأنّ أوضاع التداول لا تزال غير اعتيادية البتّة. وفي أعقاب شحّ السيولة اعتبارًا من نهاية العام وحتّى الأسابيع والأيّام الأخيرة من شهر ديسمبر، ينبغي أن نشهد العودة التّامة لرؤوس أموال المضاربة الى ساحة المضاربة. يؤدّي ذلك الى ظهور إشكالية؛ لأنّ الإتّجاهات المتنامية قد تتلاشى بسرعة من دون أن تختبر أي تطوّرات ملحوظة. فالسؤال الذي يطرح هو كالآتي: هل سيدوم الأسبوع الذي اختبر فيه الدولار أفضل أداء له في خمسة أشهر؟
من أجل معرفة ما إذا كانت قوّة العملة ستستمرّ، من الضروري أوّلاً اكتشاف مصدر القوّة هذه. على صعيد الأرقام التي صدرت في الأسبوع السابق، ما من نتائج تشير الى مناعة البيانات الأساسية. وفي الوقت الذي تقدّم مؤشر ISM لقطاع الخدمات الى أعلى مستوى في أربعة أعوام وبلغ التقرير التصنيعي ذروة سبعة اشهر؛ قابلت التداعيات الاقتصادية الوتيرة الضعيفة لإنتعاش سوق العمل. كما يعتبر تقييم مجلس الاحتياطي الفدرالي أنّ الإنتعاش ليس متينًا بما فيه الكفاية لتبرير تعديل برنامج الحوافز الطارىء. إذًا من أين يستمدّ الأخضر قوّته؟ من المحتمل أن ينبع تفسير ملموس من الإضطرابات السائدة في بعض أبرز النظراء الماليين للولايات المتّحدة. علاوة على ذلك، تدهورت الثقة في أسواق منطقة اليورو، ويتوقّع أن يوسّع الساسة الصينيون دائرة التدابير المتعلّقة بإبطاء ازدهار الإقتصاد، وحتّى الإضطرابات الأسترالية بدأت بالظهور. وبما أنّ أيّ شيء في السوق هو نسبي، يوفر ضعف نظراء الأخضر القوّة له بدون أدنى شكّ. أمّا العنصر الثاني لهذا الأداء فيكمن بالضغوطات الطبيعية لإنتعاش محتمل. وبعد أن بلغ الدولار قيع تاريخية مقابل معظم نظرائه (بإستثناء اليورو والاسترليني)، كان على أهبّة الاستعداد لإختبار تصحيح في غياب الإتّجاهات الأوسع نطاقًا.
وفي ظلّ استمرار توافر هذه العوامل في الأسبوع المقبل، سيخسر الإنعكاس الزخم بسرعة فائقة. من جهة اخرى، قد يواصل الدولار لفترة الإستفادة من التوترات القائمة في المناطق الأخرى- هذا في حال تدهورت البيانات الأساسية بشكل حقيقي. بالإضافة الى ذلك، إذا ما أردنا تبلور اتّجاه صعودي حقيقي، يحتاج الأخضر الى مصدر يستقي منه قوّته الخاصّة. لا تعتبر عوامل النمو، والمعروض النقدي وخطوات الساسة وغيرها من العوامل من الأصعدة المشجّعة التي قد يبنى عليها تسارع صعودي متين. عوضًا عن ذلك، لا تزال عودة اتّجاهات شهية المخاطر تشكّل المحرّك الأكثر تأثيرًا ودفعًا في الأسواق المالية. كما يدلّ انقطاع العلاقة بين مختلف التجارات المبنية على فروقات الفوائد وفئات الأصول الحسّاسة أزاء المخاطر بكلّ وضوح على الإفتقار الى التركيز الرئيسي. لا يزال الإتّجاه السائد يحمل في طيّاته التفاؤل اعتبارًا من الفصل الأخير من السنة المنصرمة؛ بيد أنّ ظهور المخاطر الأساسية العالمية وتجاوز بعض معايير أسواق رؤوس الأموال حدودها الطبيعية (كمؤشر S&P500 على سبيل المثال) يدلّ على أنّ الخطر الأكبر يكمن في انهيار هذا التفاؤل. وستوفر عودة التدفقات المرتبطة بالمضاربة بدون أدنى شكّ الدعم للأخضر.